قصة المزارع الفقير وابن شريدة قصه من قصص الاولين مكتوبه
هذه القصة حدثت بالقصيم وبالتحديد في مدينة بريدة وهي عن موقف كبير لأحد رجال اسرة الشريدة
واسرة الشريدة في مدينة بريدة من وجهاء المدينة ومن كبارها ويمتازون بالخلق الرفيع والتواضع وحب الخير كما تشتهر الاسرة منذ القدم بتاريخ اجدادهم بالشجاعة والكرم والنخوة والنجدة والإيثار
ولقد تشرفت بصداقة الكثير من ابناء هذه العائلة الفاضلة الكريمة التي جمعت المجد من جميع جهاته وبذلت لوجه الله الكثير من الاموال وعرفت على مر السنوات في بريدة وخارجها بالكرم والشجاعة من أيام العقيلات ويشتهرون بحبهم لبريدة وأهل بريدة وقد بذلوا الغالي والنفيس أيام الجوع وأيام الفقر لأجلها .. ومعروفين منذ عشرات السنين بكثير من الصفات الطيبه ففيهم الكرم وفيهم المرجلة وفيهم الفزعة كذلك حب الوطن والدفاع عنه وبذل الغالي والنفيس لاجله وقصصهم كثيره بالمشاركة والوقفات المشرفة مع الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه ..
نعود لقصتنا التي قرأتها في اكثر من كتاب عن تاريخ وقصص بريدة قبل اكثر من 100 عام ورويت من لسان الرجل الذي حدثت له القصة
كان هناك مزارعا فقيرا يسني على مزرعته من خلال ناقتين حيث كانت المزارع قديما قبل الاجهزة والمكائن تسقى عبر السواني لاخراج الماء من البئر
والسواني هي آلة استخدمت قديماً لاستخراج المياه من الآبار العميقة بواسطة الجمال وعادة يقوم الساني (وهو الرجل القائم على تشغيل الآلة) بها قبل صلاة الفجر ويبدأ بالتصدير وهو بداية استخراج الماء، وتستخدم لري المزرعة والحيوانات والماشية، ونقل المياه إلى البيوت مقابل أجرة معنية. ويستخدم في السواني حيوانات مدربة لهذا الفرض منها الإبل في القصيم ونجد بينما في دول اخرى كانوا يستخدمون البقر والثيران والحمير بحيث تمشي مسافة معنية داخل أرض محفورة تسمى المنحاة وتقف عندما يصل الغرب إلى قاع البئر ليمتلئ مرة ثانية وهكذا وتصب الماء من الغروب في اللزاء وذلك لجمع الماء ومن ثم توزيعه. ومن الأدوات المستخدمة منها الرشاء والسريح والمقاط والضمد وغيرها وتشتهر بها منطقة القصيم ونجد وعدة مناطق في المملكة. وتصدر الدواليب الخشبية للسواني (تسمى باللهجة الشعبية المحاحيل) أصوات مميزة ويقوم بعضهم بإنشاد الأشعار والغناء معها وقت العمل
المهم انه في يوم من أيام الصيف ماتت أحدى الناقتين لهذا المزارع الفقير فذهب إلى أحد التجار واشترى منه ناقة بالدين بقيمة أحد عشر ريال فرنسي يتم سدادها بعد سنة وقال التاجر الذي باع له الناقة بالدين ترى الناقة رهن إما انك تتسدد لا حال الحول اي بعد سنة او اني اباخذها وابيعها رضي المزارع بالشرط ولكن مرت السنة والمزراع ما قدر يسدد
وحضر التاجر بعد مرور السنة وأخرج الناقة من المسنار وذهب بها إلى السوق للبيع أما المزارع فأنه صار في حيرة من أمره فهو لا يملك المال ولا فيه أحد يدينه أو يسلفه وصار يمشي في سوق الابل ياما راح ياما رجع وذلك من طلوع الشمس حتى قرب الظهر وقت اقفال سوق الإبل
وبعدها ذهب المزارع إلى أحد المساجد تعبان ومهموم والمزرعة عطشانه وما يقدر يسقيها بدون ناقة للسواني ولا يدري كيف يفعل والعلم الأخر ليس في بيته طعام وأولاده جياع فلما أذن الظهر وحضروا الجماعة وتسننو بانتظار الاقامة والتفت ابن شريدة كعادته قبل كل صلاة بالمسجد وشاهد المزارع واضع رأسه على ركبتيه فظن أنه جائع
وبعد الصلاة جاء للرجل وقاله تعال معي وذهب به إلى بيته وحال جلوسه في ديوانية الشريدة قام بن شريدة وفرش السفرة أمامه ودخل البيت يريد إحضار له أكل وعندما أحضر الأكل بكي الفلاح فقال له أبن شريدة وراك تبكي فأخبره في جميع الذي حصل عليه من هموم الدنيا ومن فعل التاجر وكيف عطل عمل المزرعة فقال له بن شريدة هون عليك الأمر وأبشر في جميع طلبك انت هالحين بس تغد وإلى شبعت سهل الله أمرك وكان في حوش الشريدة ناقة من أطيب الإبل وذهب إلى هذه الناقة وحملها عيش وتمر وكسوة وقهوة وهيل ومسك رسن الناقة وربطها في باب الديوانيه فلما انتهى المزارع من تناول الغداء قال له بن شريدة شبعت ؟ قال شبعت لعلك تأكله من ثمرالجنة قال له أبن شريدة تفضل هذه الناقة ليس فيها رهن لأحد والذي عليها عشاء لأولادك فما كان من المزارع إلا أنه خر على ركبتيه وانهارت أعصابه وبكى حتى صبت ادمعه وابن شريدة يقول له قم لا يشوفنا أحد ( كل هذا يريد بن شريدة العمل السري لله ) وقال أبن شريدة للمزارع هالناقة واللي فيها لا تجيب له طارئ عند أحد فلما مسك رسن الناقة أعطاه بن شريدة خمسة ريالات
ويقول المزارع والله إني لم أرى الفقر بعد ناقة بن شريدة ولم يكن يعرفني وحتى أنا لم أعرفه عن نفسي لانه لم يسألني وانا نسيت ان اعرفه باسمي بعد ما أعطاني الناقه
رحم الله رجال خلفوا ورائهم سيرة عطرة حتى ذكرهم التاريخ بذكر حسن وهذا ما يميز الرجال الكرام أصحاب الشهامة والمواقف الحسنة عن غيرهم
اعداد وكتابة الباحث والإعلامي ناصر بن حمد الفهيد القصيم – بريدة تويتر