قصة وقصيدة بين الشاعر محمد السديري والشاعر مرشد البذال

قصة وقصيدة بين الشاعر محمد السديري والشاعر مرشد البذال

قصة وقصيدة بين الشاعر محمد احمد السديري والشاعر مرشد البذال الرشيدي

يقول الشاعر مرشد البذال الرشيدي كان بيني وبين الشاعر الامير محمد احمد السديري مراسلات شعرية وكانت وسائل الاتصال آنذاك قليلة فالمراسلة عن طريق البريد او الأشخاص وكنت اتمنى مقابلة السديري والجلوس معه وهذا تقريبا عام 1962م
وفي يوم من الأيام سمعت خبرا بأن السديري مريض ثم قيل لي بانه في المستشفى وحالته خطرة ثم قيل بانه توفي ولم يصلني تأكيد لذلك
فبعثت إليه بالقصيدة التالية لأتأكد من الخبر

يقول مرشد البذال:

اليوم في قلبي من الوجد لهّاف
اخطِّف أخبار الطراقي تخاطيف

سمعت علم حط بالقلب رجاف
ومسيت من علم الخطر خارب الكيف

ياسعود لعله خبر كل مذهاف
ما كان ينسب من رجالٍ عواريف

ياسعود من دورات الأيـام ينخـاف
كل النفـوس معرضـة للصواديـف

الله من وجدٍ للأفكار خطّاف
ومن ونةٍ ما تحتملها السراجيف

والعين كن ألها عن النوم عصّاف
مالي جدى إلا قول ياحيف ياحيف

النوم والمطعوم والضحك ينعاف
لين أفهم المعنى بكل التواصيف

أما ضحكت من الفرح ضحك ميلاف
وإلا عملت لطربت البال توقيف

ياليتني لسرار الأخبار كشاف
إلين اسنع وش خبر مكرم الضيف

إما لقيته مثل حرٍ بمشـراف
والا صفقت الكف بالكف تصريف

ليت الدبور اللي للأعمـار قصـاف
يمنع عن اللي فعل يمنـاه قـد شيـف

مانيب في حبـي لابـو زيـد لفـاف
محبـة ترجـع لكسـب المصاريـف

أنا غرامي ربعت النـاس الأشـراف
فهود الرجال اللي عليهـم تحاسيـف

اللي لهم في مرقـب المجـد ميقـاف
وأمداحهم توكيـد ماهيـب تزييـف

الطيب لو أنه علـى الغيـر ينشـاف
لازم يجيلـه بالمجالـس سوالـيـف

والا ألردي لو هو جمع كل الأصناف
مال وجمال ونـال كـل التكاليـف

مثل السراب اللي على البعد كشـاف
ولا ينقذ العطشان من حومة الصيـف

هذا هواى وكل نـاس لهـا أهـداف
الخير يحكـم فيـه والظـن تهديـف

ومن يدعي بكمالت العـرف مانـاف
ومن عاف فكر الناس في فكرهم عيف

وأنا سبب تكوين فكري هالاوصاف
ماهو طرب ولا بعـد زود تصنيـف

لي صاحبٍ يحسد عواريض الأصراف
سمعت علم عنه مكروه ومخيف

ياسعود شفي كان ردت للأشفاف
علم ينظف مخزن الشك تنظيف

يقول مرشد البذال وبعد شهر وصلني الرد من السديري :

يقول من هو ناويٍ يتبع القاف
طارٍ عليه يصرف الشعر تصريف

ما عن في قلبه هوى سمر الاغداف
نجل العيون مخضبات الاطاريف

قلته ونامن بين وديان الاشراف
بالمرتفع بين الجبال المقانيف

جسمي بها كنه على جال ميهاف
وهاجوس قلبي ناحرٍ يمة السيف

البارحه جفني لحلو الكرى عاف
يوم النعايم فوق راسي مشاريف

تسابقٍ قلبي هواجيس ارداف
والليل طال وحنَّ قلبي على الكيف

وناديت من حولي يعجل بالاسعاف
يشب نار دلال بيض مزاهيف

ياحسين شب النار واسرف بها اسراف
حتى يصير الجمر فيها مشانيف

ومن حب خولان الخضر هاته اجزاف
واحمس ونسفها على الجمر تنسيف

ودقه بنجر تالي الليل رجاف
ويا حسين لقمها ببيض مهاديف

ومن هيل دار الهند زود لها سناف
وزله وخل الكيف يذرف مع الليف

كنه بوسط الصين مرجان وارعاف
او دم جوف اللي تقود المخاشيف

وعطنيه يا تابع هوا كل غرياف
لو أن حره فوق قلبي مراضيف

اغدي هموم القلب تنوي بالانكاف
ويقفن عن قلبي خفاف محاريف

جاني بيوت ما بها عيب وانضاف
فيهن من الطيب بلاغه وتعريف

يذكر علوم جابها كل خفخاف
بالكذب زاد وهرجهم بالغطاريف

مجمعين الكذب بالهرج زهاف
مثل الرقيعيات دايم خواطيف

اثر العلوم ضعاف وعلومها ضعاف
وافواههم للشين دايم غواريف

احد على درب الردا يهرف اهراف
واحد على العليا يعد المشاريف

واحد عليه السو يا رشد لحاف
وجهك عليه البيض توضي مكاشيف

انا بفضل منزل ايات الاحقاف
لاج بضله عن هبوب العواصيف

ايضا وانا من قول من كان ما خاف
ارقد بامان الله ولو ما معي سيف

الناس يا مرشد بالايام بخلاف
وانا ومثلك للفضيله مواليف

يقول مرشد البذال فرحت فرحا شديدا بالرد وتكذيب الخبر

وبعد سنوات وعندما سكن السديري مزارعه في ارياف مدينة بريدة شمال القصيم وتسمى (الخفّيات) نويت الذهاب اليه لما في نفسي من حب وشوق له فذهبت من الكويت ومعي صديق لي سائق عازمي فوصلنا مزارعه رحمة الله عليه وإذا هو في بيت الشعر امامه الدلال والنار والمقهوي
فلما نزلنا من السيارة قام فسبقني العازمي وسلم عليه وقال يا أبا زيد هذا صديقك مرشد البذال فأخذ كل واحد منا يقبل الثاني وكل يقول للآخر احمد الله على أن رأيتك قبل الموت
يقول مرشد مكثنا عنده عشرة ايام وكل ليلة يمتلىء الديوان من الشعراء والرواة حتى منتصف الليل
ليلة يقلط خمس او ست ذبائح وليلة حاشي وليلة طيور لا أعرف انواعها
وبعد عشرة أيام وبإلحاح طلبنا السماح بالسفر
وعندما تناولنا القهوة والريوق كما قال مرشد وهممنا بالتوجه للسيارة وإذا به يحضر بندقية جديدة ويعطيها للعازمي ويخرج لي صرة من النقود فأقسمت بالله العظيم لا آخذ ريالا واحدا وقلت له انني اعتبر من أكبر تجار الكويت وعلي الحرام أنني لم آت إلا لمحبتك
فبعد ما اقنعته فإذا به يرمي بها على خوي العازمي ويقول هذي من نصيبك يافلان
ثم ودعناه وذهبنا
رحم الله السديري ومرشد البذالي

وصدق السديري في قصيدته التي حملت عزة النفس والحكمة والتجربة هذه القصيدة التي يقول فيها:

إن صار زود المال بيدين الانذال
حنا من المعروف تندا يدينا

وان كانهم شرهوا على طيب الافعال
حنّا وردنا جمامها وارتوينا

وان فكّروا للجود يمشون رحّال
حنّا قبل يمشون يمه خطينا

يا ما لبسنا للشرف كل سربال
وعلى البسيطة للفضيلة مشينا

في دوحة العربا لنا مجد وظلال
وحنّا على در المكارم غذينا

لو نجمع اللي فات منا من المال
إن كان شيدنا القصور وبنينا

نعطي ولا نتبع عطانا بالاقوال
ونبذل ونسكت كننا ما عطينا

وان باعوا الشيمة بدينار وريال
حنا دخلنا سوقها واشترينا

نطلع لها لو هي على روس الاقذال
لو هو عسير دربها ما انثنينا

بافعالنا نرسم دروب للاجيال
إلي نساها غيرنا ما نسينا

أسود سادات تسجل للاشبال
فضايل شمنا لها واهتدينا

بيض نسجلهن جديدات وسمال
حفايظ لاحفادنا اللاحقينا

نصبر على الشدات لو شيلنا مال
لو سال دم دفوفنا ما شكينا

نخاف يلقى سدنا كل ختّال
ويبني هزيلات المعاني علينا

الليل يا خالد على والدك طال
وهنّيت ناس بالكرا نايمينا

يا عز راسي شف ما خبث البال
شي يهوّل شيّب الجاهلينا

شي من اسبابه يشيب بالاطفال
فطّر خشوم مهجرعات الحنينا

أدير قالات عريضات وطوال
قالات خلنّ المخفىّ يبينا

منهن رزين العقل بالوقت يهتال
بوقت عبوس فطّن الغافلينا

وقت من اسبابه شكى كل ريبال
نصبر ونسكت كننا غايبينا

الناس بالأيام راحل ونزال
تفجعهم الدنيا وهم دالهينا

وحيات رب نزل آيات الانفال

عالم خفايا نية الحاقدينا

ما اترك طريق العدل في كل الاحوال
لو يرحل المريخ للفرقدينا

error: Content is protected !!