قصة سفاح صنعاء – إعدام السفاح السوداني في اليمن من قصص الجرائم الواقعية
سفاح صنعاء أو سفاح الطالبات أو سفاح المشرحة، ألقاب كثيرة أطلقت عليه، هو محمد أدم السفاح الذي يحمل الجنسية السودانية، قبض عليه في عمر الثانية والخمسون، بعد أن اغتصب وقتل أكثر من ستة عشر ضحية، منهن أحد عشر طالبة بكلية الطب .
محمد آدم عمر إسحاق سوداني الجنسية، سافر عام 1995م إلى اليمن ، كان يعمل فني تشريح في مشرحة كلية الطب جامعة صنعاء، كان يعمل كمغسل للجثث في السودان، كان يمتلك عيون جاحظة وشعر مجعد، وسكن في أحد الشقق المجاورة للجامعة .
يقال أنه تعرض للعديد من الأزمات أثناء فترة الطفولة، حيث عاش ” أدم عمر” طفولة بائسة أخرجت منه سفاحا، يقتل ضحاياه من طالبات الطب في جامعة صنعاء في اليمن، حيث تعرضت أمه للاغتصاب وهو فى سن صغير، مما دفع والده للانتقام لشرفه، وشاهده ينتقم لشرفه، ويقتل مغتصب والدته ويقطع جثته.
كان يمارس الملاكمة، وسبق له العمل داخل مشرحة جامعة أم درمان بالخرطوم، ويقال أنه كان يقتل أيضا هناك، وسافر إلى العديد من الدول الإفريقية وكذلك الكويت وارتكب هناك أيضًا جرائم متعددة ولم يتم كشف أمره إلا باليمن .
انتقل “أدم” من موطنه السودان إلى اليمن، وتقدم للعمل في مشرحة كلية الطب بجامعة صنعاء، وتم قبوله نظرا لخبرته السابقة في العمل “مغسل موتى” بالسودان
كانت وظيفة محمد آدم في كلية الطب هي فني تشريح , أي أن وظيفته محصورة على تحضير الجثث وتقطيعها و تجهيزها لغرض الدراسة حيث يجتمع الطلاب في معمل التشريح على الجثة بعد تقطيعها و تجهيزها من قبل فني التشريح – محمد آدم – حيث يُنتزع من الجثة معالم الوجه بالكامل بحيث لا يتم التعرف على هوية الشخص الميت ..
أغلب الجثث التي كانت موجودة في المشرحة كان يتم أخذها من ثلاجات المستشفيات الحكومية التي لا يُعرف هوية صاحبها ولا يتم المطالبة بها من قبل ذوي الميت، حيث يتم أنزال إعلان رسمي في جريدة الثورة بوجود جثة في المستشفى الفلاني ومنحهم مهلة شهر من تاريخ الإعلان مالم سيتم التصرف بها ..
محمد آدم كان شابا خلوقا محترما لا يؤذي أحدا, هكذا كان يظن جميع الطلاب، ولكن الحقيقة كانت عكس هذا
كما قلنا سابقاً , كان محمد آدم مثالاً للأخلاق العالية التي يجب أن يتصف بها الموظف الذي يشتغل في كلية الطب .. هذه الكلية التي سَتخرج في يوماً ما أشخاص يتصفون بملائكة الرحمة وظيفتهم التخفيف من آلام الناس .. وهذا ما كان الجميع يظنه عن محمد آدم ولكن في حقيقة الأمر كان الموضوع مختلفا تماماً ..
يقول أحد الطلاب أن محمد آدم كان معروفا عنه بأنه شخص مرتشي , ولتوضيح هذه النقطة يجب شرح الطريقة التي كان يتقاضى فيها المال وهو فني تشريح في المشرحة
في أيام محمد آدم كان هناك امتحان في سنة ثالثة يُدعى الامتحان الشمولي حيث يختبر الطلاب مواد سنة ثانية و ثالثة في نفس السنة , هذه الاختبارات موزعة على العملي والنظري، ومن ضمن تلك المواد مادة التشريح العملي.
والمسؤول عن الاختبار العملي للتشريح هو محمد آدم..
هنا تأتي وظيفة محمد آدم حيث كانت محصورة على تجهيز الجثث أو المجسمات البلاستيكية لغرض الامتحان حيث يمر الطلاب على الجثة أو المجسم البلاستيكي وهناك يوجد مؤشر (pointer ) أثناء الاختبار العملي و يجب عليهم تسمية الجزء المؤشر عليه , قد يكون عضلة أو وريد أو شريان الــخ ..!
وكما هو معروف فإن اختبار التشريح من أصعب الاختبارات التي قد تواجه طلاب الطب في سنواتهم الأولى.. لذلك كان يستغل محمد آدم هذه النقطة جيداً , حيث كان يبلغ الطالبات عن الأجزاء التي سوف تدخل بالامتحان مقابل مبالغ مالية كبيرة قد تصل إلى 300$ للشخص الواحد، وبذلك يسهل عليهن عملية المذاكرة مع العلم أن عروض محمد آدم كانت محصورة فقط للطالبات ..
وهنا بدأت علاقة محمد آدم بالطالبات و بدأت غرائزة الشيطانية تكبر أكثر و أكثر .. أقترب الموسم الدراسي من الإنتهاء و اقتربت الإختبارات الشمولية لطلاب سنة ثالث أنذاك، وهذا الوقت بالنسبة لمحمد آدم يعتبر موسم حصاد .. لأنه وبعد إن تنتهي الاختبارات سوف يرجع إلى السودان في إجازة إلى أن تبدأ السنة الدراسية الجديدة ويجب أن يكون جيبه ممتلئا بالنقود ليقضي حينها إجازة سعيدة مع أهله..
كان طلاب و طالبات المستوى الثالث في ذلك الوقت يذهبون إلى المشرحة بعد انتهاء الدوام الرسمي للكلية .. بحيث لا وجود لأي دكتور في الكلية ولا موظف , يذهبون إلى المشرحة للمذاكرة، ومشاهدة الجثث والمجسمات البلاستكية.. لأن في تلك الأيام لم يكن هناك (لاب توب) ولا فلاشات ولا تلفونات مزودة بالكاميرا لكي يصوروا الجثث والمجسمات البلاستيكية و يذاكروها في منازلهم..
لذلك كانوا مضطرين للذهاب إلى المشرحة بعد إنتهاء الدوام لغرض المراجعة فقط.. وعلى مايبدو أن محمد آدم كان يقدم عروضا لبعض الطالبات غير العروض التي تحدثنا عنها سابقاً , حيث كان يوعدهن بإعطائهن دروس تقوية بعد إنتهاء الداوم في الكلية، وللأسف فإن الطالبات تعاملن معه بصدق وبنية صادقة، ولم يدركن حقيقة نواياه الخبيثة ..
كان هناك طالبتين لبتا الدعوة وحضرن بعد إنتهاء الدوام الرسمي في الكلية.. وهنا بدأت أولى جرائمه ..دخل محمد آدم برفقة الطالبتين إلى الجزء الخلفي للمشرحة وعلى الفور خدرهن عن طريق كتم أنفاسهن وإجبارهن على إستنشاق مادة مخدرة ..
أغتصبهن وقطع أشلائهن ودفنهن خلف المشرحة .. إحدى الطالبتين المقتولتين كانت بنت شيخ كبير والأخرى بنت مواطن بسيط .. وهنا المشكلة , بعد إختفاء الطالبتين سارع أهاليهن للبحث عنهما ولكن دون جدوى , على ما يبدو إن الشيخ الكبير أدرك إن لا فائدة من أطالة البحث وخوفاً من العار الذي سوف يتلبسه بحكم مكانته القبلية سارع إلى طي الموضوع ومنع نشره في أي جريدة رسمية.
وبذلك أغلق هذا الملف نهائياً , وهذا كان بمثابة الدافع الكبير لمحمد آدم للاستمرار في جرائمه.. قتل محمد آدم 18 طالبة في كلية الطب من ضمنهن طالبة عراقية تُدعى زينب عزيز .
الطريقة التي تم كشف محمد آدم بها ومن السبب في ذلك
ارتكب محمد آدم العديد من الجرائم ولم يتم اكتشافها، لكن حين تعرف على الطالبة العراقية زينب، كانت تلك بداية النهاية، حيث اتفق معها على أن تدفع له مبلغ من المال مقابل أن يقوم بدفع رشوة لأحد المدرسين لزيادة درجاتها .
أخبرت زينب والدتها وأعطت السفاح المال، لكنه لم يلتزم بوعده، فعادت لتهدده فكتب لها تعهدًا أنه سيرد المال، وفي أحد الأيام ذهبت لتطلب منه جمجمة لكي تذاكر بها، ولم تخرج مجددًا من المشرحة.
بالطبع كان له خبرة كبيرة في التقطيع والذبح، وأثبتت التحقيقات أنه ابتكر خليط كيميائي يساعده في التخلص من الجثث، حيث كان الخليط قوي لدرجة تتسبب في ذوبان العظام واللحم معًا .
كانت زينب قد أخبرت والدتها أنها ستقابله و كانت تشعر أن الوحيد الذي يعرف سر ابنتها هو محمد آدم فني المشرحة
ومن كشف هوية السفاح محمد آدم هي والدة الطالبة العراقية زينب , حيث أنها لم تيأس ولم تستسلم، بل ثابرت وبحثت في الموضوع وكل الدلائل كان تشير بأن محمد آدم هو آخر من ذهبت إليه ابنتها زينب قبل إن تختفي من الوجود , لم تترك والدة زينب قسم شرطة إلا وذهبت إليه، ولكن دون جدوى لا وجود لأي أدله تثبت تورط محمد آدم في عملية إختفائها , نصحها أحد الأشخاص بالذهاب إلى البحث الجنائي و طرحت لهم الموضوع ..
وقالت بالحرف الواحد , محمد آدم هو من قتل ابنتي كما قتل الكثير من طالبات كلية الطب وهو على وشك مغادرة البلاد في اليوم الثاني .. أنتهت الإختبارات و بدأت الإجازة و أستعد محمد آدم للسفر وتوجه إلى المطار بالضبط كما قالت والدة زينب , و بينما محمد آدم في صالة المغادرة في المطار تفاجأ بمذكرة توقيف و تم أخذه إلى البحث الجنائي , في ذلك اليوم ذهبت أم زينب و ابنتها ( أخت زينب ) ووالدها إلى البحث الجنائي , كان هناك ضابط في البحث الجنائي تفاجأ بأن هناك شبه كبير جداً بين أخت زينب وصورة زينب التي كانت بحوزة الأم ..
الضابط الذي أستجوب محمد آدم لم يذكر له موضوع زينب اطلاقاً بل أستجوبه على عمليات الاختفاء للطالبات التي حدثت في وقت سابق، ولم يذكر اسم زينب من ضمنهم، و هذا ما أثار استغراب محمد آدم , وبعد نهاية الاستجواب قال له بأن هناك شاهد يجب عليه مقابلته غداً سأله محمد آدم عن اسم الشاهد فقال له : زينب عزيز ..
ظهرت معالم الأستغراب على وجه محمد آدم و كأنه يقول كيف و متى ؟! زينب هذه قتلتها أنا بيدي كيف لها أن تكون شاهد ..ونقطة الإستغراب هذه التي كان يبحث عنها الضابط ..
ذهب الى أم زينب و قال لها تعالي أنتي و بنتك (أخت زينب ) ودعيها ترتدي من ملابس زينب وتم ما أراده الضابط .. في اليوم التالي ذهبت أم زينب و بنتها التي ترتدي ملابس زينب إلى ضابط البحث الجنائي , وقام بأخذ أخت زينب إلى غرفة محمد آدم , دخلت أخت زينب عزيز لثواني معدودة وخرجت ولم تنطق بحرف واحد، حينها تصبب محمد آدم عرقاً وكأن الأرض أبتلعت لسانه، ولم ينطق حرفا واحدا، هنا أدرك ضابط البحث أن محمد آدم قاتل فعلاً .. ذهب إلى العمارة التي كان يسكن فيها محمد آدم وأخبره صاحب العمارة بأن محمد آدم يشرب الخمر بكثرة لدرجة أن سكان العمارة يسمعون هذيان محمد آدم وأصواته المزعجة عندما يكون سكران .
في اليوم التالي , نقل محمد آدم إلى زنزانة فيها اثنين محتجزين , الأثنين هؤلاء هم من رجال البحث الجنائي وبحوزتهم خمرا , أقنعوا محمد آدم بأن الخمر هذا تم تهريبه وأنهم قد دفعوا رشوة لبعض الضباط، لذلك أشرب براحتك , وفعلاً شرب الخمر بشراهة لأن حالته النفسية كانت صعبة جداً , أنتظر الضابط إلى أن انتهى محمد آدم من شرب الخمر و تأكد بأنه في حالة اللاوعي وبدأ يستجوبة , كان الإستجواب سهل جداً , حيث أعترف محمد آدم بكل جرائمه بل أنه طلب من ضابط البحث أن يأخذه إلى الكلية ليعلمه عن أماكن دفن الجثث وهنا تمت ادانة محمد آدم ..
وبالبحث في المشرحة وجدت بقايا لثمان جثث لفتيات
بدأت التحقيقات مع محمد آدم الذي اعترف بكل جرائمه، وأكد أنه سرق من ضحاياه المجوهرات التي تعدت المئة وستون ألف ريال يمني
منذ بداية التحقيقات ويقول المحققين أنه كان غير متزن تمامًا أثناء التحقيق، وأنه كان يهول كثيرًا فيما يقول، وكأنه يروي قصة فيلم، وليس جرائم ارتكبها
وأضاف المتهم في اعترافه أثناء التحقيق معه ، بقتله 11 فتاة في جامعة أم درمان في السوادان، قبل أن ينتقل الى العمل في اليمن، مشيرا الى انه كان يبيع الأعضاء البشرية لشبكة دولية للاتجار في البشر، حيث كان يقوم بنزع أعضاء ضحاياه عقب قتلهم ووضعها في أواني معدنية، مشيرا في اعترافه أنه كان يدفن بعض ضحاياه في المقابر، بعد ايهام مشرفى الجامعة، انها أعضاء بشرية لم تعد صالحة للدرسة ويحصل من الجامعة على تصريح الدفن .
لكن الغريب في الأمر أن الاعترافات كانت شديدة التناقض، ففي الاعترافات ذكر أسماء فتيات لكنهن لم يقتلن ، وأيضا ذكر أسماء لم ترد في سجلات الجامعة .
لكن محاكمته كانت غريبه جداً !! حيث أصدر حكم الإعدام بسرعة كبيرة، وتم تنفيذه بسرعة أكبر ..مع العلم أن قاضي المحكمة قال لبعض أهالي الضحايا بأن الإعدام سيتم في ساحة كلية الطب وسوف تُعلق جثة محمد آدم في ساحة الكلية، وفعلاً توجه المواطنون إلى كلية الطب ليشاهدوا عملية الإعدام !!..
ولكنهم تفاجأوا بأن الإعدام تم في مكان آخر مجهول ( يُقال بأن عملية الإعدام تمت في جولة مذبح) وأكتفت السلطات الرسمية بإظهار صورته وهو ممتد على الأرض والدماء تُسيل منه دون أي تفاصيل آخرى ..
أما ردة الفعل من قبل كلية الطب فكانت بسيطة جداً , حيث تم إقالة رئيس قسم التشريح من منصبه كرئيس قسم مع مواصلة عمله كدكتور في الكلية ! !
وأقالة العميد من منصبه مع مواصلة عمله كدكتور في الكلية ! ! ..
كيف تمت محاكمة سفاح صنعاء ؟!!
محاكمة هذا السفاح كانت غريبة عجيبة.. حيث ادين «سفاح صنعاء» بقتل الطالبتين العراقية في ديسمبر 1999 واليمنية في فبراير 2000 في مشرحة كلية الطب حيث كان يعمل. وقد اعترف اولا باغتصاب وقتل 16 شابة بينهن ثماني طالبات.
الا ان احدى هذه الضحايا ظهرت في احدى جلسات المحاكمة فتراجع المتهم عن الجزء الاكبر من اعترافاته واكد انه قتل الطالبتين العراقية واليمنية فقط وأيضاً تم نفي أنه عمل في أي جامعة بالسودان، كما تم نفي أنه سافر إلى بلد آخر غير اليمن .
استمرت المحاكمة سنة كاملة وسط احتجاجات الطلاب والغضب الشعبي
و قد حكمت عليه المحكمة بالجلد 80 جلدة حداً بتهمة شرب الخمر و بالإعدام بحد السيف أو الرصاص قصاصاً ..
كما حكمت المحكمة بدفع تعويضات من الجامعة لأسر الضحيتين (حُسن وزينب) وتحمّل مصاريف المحكمة، ونقل جثمان زينب إلى العراق ، وألزمت المحكمة إدارة الجامعة على تسمية القاعتين الدراسيتين القريبتين من المشرحة باسم حُسن وزينب .
وأيدت محكمة الاستئناف في محافظة صنعاء حكم الاعدام الذي اصدرته المحكمة الابتدائية ضد سفاح كلية طب جامعة صنعاء السوداني محمد آدم.
وذلك في جلسة عقدتها المحكمة المذكورة في العاصمة اليمنية، حيث فوجىء محامو أسر الضحايا ومعهم جموع المواطنين المحتشدين في قاعة المحكمة بقرار تأييد الحكم الابتدائي كون جلسة الأمس لم تكن مخصصة لاصدار هذا القرار نظرا لأن محكمة الاستئناف لم تحدد او تعلن في جلساتها السابقة بأن هذه الجلسة ستكون هي الجلسة الختامية.
وقد أثارت هذه الخطوة استياء المحامين واقارب الضحايا، مما دفع بالمحامين الى الطعن في قرار محكمة الاستئناف التي رفضت الدفوع والمرافعات المقدمة من جانبهم والتي تتضمن المطالبة باستكمال التحقيقات وكشف كامل ملابسات القضية وبقية المتهمين.
وألغت محكمة الاستئناف في قرارها الفقرة المتعلقة باطلاق اسمي الضحيتين اليمنية حسن عطية والعراقية زينب سعود عزيز على قاعتين من القاعات الدراسية في كلية الطب والتي كانت قد وردت في الحكم الصادر عن المحكمة الابتدائية فيما أيدت بقية النقاط التي نص عليها الحكم الابتدائي وفيها اعدام محمد آدم عمر اسحاق رميا بالرصاص او ضربا بالسيف في ساحة كلية طب جامعة صنعاء والزام الجامعة بدفع خمسة ملايين ريال يمني (30 الف دولار) تقريبا لكل من اسرتي الطالبتين الضحيتين المشار اليهما كتعويضات بالاضافة الى 400 الف ريال مقابل نفقات المحاماة ومتابعة القضية .. كما كلفت المحكمة الاستئنافية النيابة العامة باتخاذ التدابير والاجراءات اللازمة لتمكين اقارب الضحية العراقية زينب سعود عزيز من نقل جثمانها الى بغداد لدفنها هناك حسب طلبهم بما في ذلك تقديم كافة الوثائق الرسمية والتقارير الطبية اللازمة وكذلك تذاكر السفر وتكاليف نقل الجثمان كما حدد ذلك الحكم الابتدائي .. والذي كان قد نص على اجراء تحقيق في كلية الطب بجامعة صنعاء حول جوانب القصور والفساد الذي تسبب في وقوع تلك الجرائم ومحاسبة المقصرين.
في غضون ذلك واثناء المداولة التي عقدتها هيئة المحكمة على هامش جلسة الامس للنطق بالحكم تمكن عدد من الصحفيين من الحديث لبضع دقائق مع السفاح الذي اكد لهم صحة ما اثير في الجلسة السابقة حول ضحية جديدة تدعى جميلة محمد المعدني وكانت تعمل فراشة في كلية الطب واوضح انها كانت من ضمن الضحايا.
كما طالب بالسماح له بمقابلة زوجته التي كانت تقيم معه في صنعاء.
ورفعت القضية الى المحكمة العليا التي تمثل اعلى درجات التقاضي وهي التي أصدرت القرار النهائي باقرار الحكم بتأييد حكم محكمة الاستئناف بالإعدام
تنفيذ حكم الاعدام
في20 يونيو 2001 وفي الساعة التاسعة والنصف صباحا تحركت سيارات الأمن إلى وسط ساحة مذبح قرب كلية الطب شمال غرب العاصمة اليمنية صنعاء وسط احتشاد أكثر من 30 ألف يمني من بينهم ذوي القتيلة اليمنية جاؤوا ليشاهدوا تنفيذ حكم الإعدام بحق السوداني محمد آدم عمر اسحق «53 عاماً» والذي يعرف باسم «سفاح صنعاء»، بعدما أدين بخطف واغتصاب وقتل طالبتين في جامعة صنعاء، وذلك في ساحة عامة قريبة من كلية الطب.
وكانت المحكمة الابتدائية حكمت في 19 نوفمبر على آدم عمر اسحق بالاعدام رميا بالرصاص بعد ان ادانته بقتل الطالبتين اليمنية حُسن احمد عطية والعراقية زينب سعود عزيز وثبتت محكمة الاستئناف في صنعاء الحكم في الرابع من ابريل وتم تنفيذ حكم الاعدام في السوداني الذي كان يعمل في مشرحة كلية الطب، بعدما صادق الرئيس اليمني علي عبد الله صالح على قرار المحكمة العليا بتأييد حكم محكمة الاستئناف.
وقد اعدم «سفاح صنعاء» حيث انتشر المئات من رجال الشرطة. وقد بدا آدم عمر اسحق الذي كان يرتدي قميصا ابيض وبنطالا بني اللون، هادئا بينما اوثقت يداه خلف ظهره.
ونفذ في «سفاح صنعاء» قبل اعدامه حكم صدر عن المحكمة الابتدائية بجلده ثمانين جلدة بيد شرطي، «لشربه الكحول» عند ارتكابه جرائمه.
حيث تم ربط محمد آدم على العمود وجلدوه 80 جلدة حد شرب الخمر ثم مددوه على الأرض
وبعد ذلك، قام شرطي آخر باطلاق ثلاث رصاصات في ظهره، لكنهم اكتشفوا أنه لم يمت ..لهذا أطلقوا عليه رصاصتين إضافيتين لتزهق روحه وكان المحتشدون يهتفون في هذه الاثناء «الله اكبر».
ونقلت جثة السوداني بعد ذلك بسيارة اسعاف قبل ان يندفع المحتشدون الى المكان الذي اعدم فيه.
ومنع رجال الشرطة المنتشرين باعداد كبيرة المصورين الصحافيين من تصوير اعدامه، مستخدمين العنف في بعض الاحيان.
غموض و أسئلة تحوم حول هذه القضية
لماذا لم يتم التحقيق في أسماء شبكة نقل الأعضاء التي ذكرها السفاح ؟! وكيف كان يطلب السفاح أحماض (الهيدروكلوريك اسيد) ومواد التحنيط (الفورمالدهايد) ومادة التخدير (الكلوروفورم) بهذه الكميات الكبيرة التي تفوق حاجة قسم التشريح دون سؤال ؟!
وأين المسئولون عن المشرحة الذين تركوا السفاح يسرح و يمرح فيها ؟!
إنتشرت إشاعات بتورط رؤوس كبيرة بشبكة دعارة يتم التخلص من ضحاياه.
الإجابة بكل أسف أن تلك الأسرتين هما الوحيدتان اللتان أبلغتا وبشكل واضح ، أما البقية من أسر الضحايا فقد سكتوا خوفاً من الفضيحة، لأننا في المجتمع العربي نعتبر الاغتصاب فضيحة وعاراً يلحق الفتاة وأهلها! ! ، لكن ما ذنبها ؟!
للأسف نظن السوء بأي فتاة تختفي فجأة وتقطعها ألسنة الناس بسوء الظن قبل أن تقطعها سكاكين السفاح !! ..
ارتباطه الوثيق بجهاز الموساد الاسرائيلية
أكدت مصادر أمنية موثوقة في صنعاء بأن سفاح كلية الطب محمد آدم عمر إسحاق ادلى في آخر اعترافات له بمعلومات خطيرة تتعلق بارتباطه الوثيق بجهاز الموساد الاسرائيلية.
وقالت المصادر إن آخر محاضر التحقيقات في قضية كلية طب جامعة صنعاء تضمنت اعترافات من جانب السوداني محمد آدم والذي اقر من خلالها بأنه يعمل مع المخابرات الاسرائيلية الموساد منذ أكثر من 20 عاما وقد قدم خدمات كثيرة لصالح هذه المخابرات في عدد من الدول العربية حيث كانت اليمن هي المحطة الاخيرة في رحلة عمله التجسسي هذا,, وانه كان ينتقل بين الاقطار العربية بوثائق مزورة وتحت اسماء مستعارة.
وامتنعت المصادر عن اعطاء تفاصيل اخرى حول هذا الجانب مما اشتملت عليه محاضر التحقيقات المشار إليها والتي لم تقدم الى المحكمة بعد,, مضيفة بأن سفاح جامعة صنعاء اعترف بتفاصيل جديدة ايضا فيما يتعلق بجرائم القتل التي اكتشفت في مشرحة كلية الطب أواخر شهر ابريل وعدد الضحايا والاشخاص الذين كانوا يأتونه بالجثث للتخلص منها,, ونوهت إلى ان هذه الاعترافات الجديدة لم تقدم ضمن ملف القضية إلى المحكمة الابتدائية التي اصدرت في شهر نوفمبر حكما بالاعدام للسفاح محمد آدم عمر اسحاق.
هذا وكانت مصادر مطلعة قد اشارت في وقت سابق إلى ان محمد آدم عمر إسحاق ضبط في عام 1984م في مدينة عدن قبل ستة اعوام من قيام الوحدة اليمنية وذلك عندما اكتشف انه كان يقوم بجمع معلومات عن معسكرات الفلسطينيين لصالح الموساد وتم الافراج عنه وترحيله إلى خارج اليمن الجنوبي حينها بعد سجنه لمدة ستة أشهر وقالت تلك المصادر انه كان حينها يحمل جواز سفر مزور صادر من احدى الدول العربية تحت اسم جون وكشفت مصادر بأن سفاح كلية طب جامعة صنعاء كان له دور في عملية ترحيل آلاف الاشخاص من يهود الفلاشا الاثيوبيين إلى اسرائيل كما جاء في اعترافاته,, ونوهت إلى ان الزوجة الثانية لمحمد آدم والتي كان تقيم معه في صنعاء واسمها حواء تعد شريكة رئيسية له في جميع انشطته.
وقالت المصادر ان دخول السفاح المذكور إلى اليمن في بداية التسعينيات وعمله في مشرحة كلية الطب في جامعة صنعاء كان من خلال عملية مرتبة بدقة من قبل بعض الاشخاص الاجانب احدهم كان يتمتع بنفوذ كبير داخل الكلية المذكورة، حيث يعتقد ان هؤلاء الاشخاص هم ايضا على صلة بالموساد الإسرائيلية, واضافت بأن الاشخاص الذين رتبوا عملية استقدام محمد آدم إلى جامعة صنعاء نجحوا في ذلك بعد ان تمكنوا من ايهام الجهات المعنية في الجامعة بأن هذا الشخص يحمل مؤهلات عالية وله خبرة طويلة في مجال التشريح مما جعل قيادة جامعة صنعاء تستعجل في طلبه وتوقيع عقد عمل معه,, ولم تبن الحقيقة إلا قبل اشهر من خلال مذكرة بعثتها وزارة الداخلية السودانية إلى السلطات في صنعاء في شهر سبتمبر الماضي اكدت من خلالها ان محمد آدم عمر اسحاق لا علاقة له بأمور التشريح ولم يسبق له العمل في هذا المجال كما قيل في جامعة الخرطوم وان نشاطه في السودان كان فقط كحارس في احدى مقابر الخرطوم وعامل نظافة.
باحثة سودانية تتناول مواقف شخصية معه وتشكك في ضلوعه في الجريمة
مها حسن قرين ـ باحثة في العلوم
في فترة من الزمن عملت فيها في كلية الطب بجامعة صنعاء/اليمن، انضممت الى هيئة التدريس لمدة تقارب السبع سنوات، كانت إضافة حقيقية لتجربتي في الحياة، والتعامل مع أفراد من شعوب مختلفة. وقبل ذلك تعرفت على الخلق السوداني الرفيع، عكسه اطباء عظماء أتوا من بلادي ليفيدوا أهل اليمن بعلمهم الغزير، كنت المرأة الوحيدة التي تعمل في ذلك المجال، ودام ذلك لاكثر من ثلات سنوات حتى انضمت لنا الدكتورة فوزية كرئيسة لقسم التمريض وهي سودانية، كانت مثالاً يحتذى به في التفاني والانضباط. تلتها مساعدة لها كانت مثالاً لربة المنزل المجهجهة. كنت ادخل عليها في مكتبها أحياناً والذي كانت تحرص على اغلاق بابه بالمفتاح دائماً لأجدها “تورق ملوخية”، أو ” تقمع بامية” للاستفادة من الوقت كما تدعي!.
بعدها انضم لهيئة التدريس عدد من السودانيين من اختصاصي التشريح وغيره، ثم فني المشرحة محمد ادم، أو سفاح اليمن كما أطلق عليه ذلك الاسم، وكما يعرفه به أهل اليمن حتى اليوم. محمد ادم شاب خلوق وخجول ولا يرفع عينه في عين أي احد، عمله بالمشرحة يعرضه للتعامل مع أعداد كبيرة من الطلبة بالإضافة الى زحمة العمل وضغوطه، كل ذلك لم يغير في طبعه أي شئ، كان هادئاً وصبوراً دائماً.
كانت المشرحة وشعبة الكيمياء حيث اعمل في نفس الطابق، وكان مكتبي في الطابق أعلى المشرحة، لذا كنت أمر أحياناً أمام المشرحة، وكان محمد ادم يحرص على إلقاء السلام بأدب جم اسمع منه همهمة فقط” ،،،،،،،،، دكتورة “! يبدو أنه كان يلوك باقي التحية. واذكر أنه ذات يوم وصل بي الإرهاق قمته، وكنت على وشك ولادة ابني عمرو، وصادفته فأسرع بإحضار كرسي وساعدني على الجلوس داخل المشرحة، وعندما بدأ في ادخال الجثث لم أتحمل المشهد فانسحبت دون أن أخبره. كنا عندما نلتقي نحن السودانيون في مكتب احد الزملاء بالكلية، كان هو الذي يعد الشاي للجميع، ويختار ركنا قصيا، ليس لانه اقل منا من حيث الدرجة الوظيفية، إنما كان واضحا بسبب حيائه الشديد. كان متعاوناً تماماً مع جميع الطلبة وكان يقضي في الكلية ساعات أكثر من ساعات الدوام المحددة في العقد لمساعدة الطلبة وذلك دون اجر إضافي، وهذا ما جعل تواجدنا معاً لأوقات طويلة في نفس المبنى ونفس الطابق، خاصة عندما كان يبدأ دوام عملي بعد الظهر.
حقيقة ،، كانت كلية الطب تعج “بالحور العين”، كان فيها طالبات من أجمل بنات حواء، من مختلف الجنسيات اشهرهن السوريات، اليمنيات، الفلسطينيات ثم العراقيات. وبحسب الدرجات العلمية التي كن يحصلن عليها، كان واضحاً أن الغالبية العظمى منهن قد دخلن الكلية ” بالواسطة” ، واذكر أن مدخل الكلية عادة ما يعج بالطالبات ثم يختفين، لا ادري اين يذهبن، ولكن بكل الأحوال لم تمتلئ بهن القاعات.
بعد حرب اليمن، تركت العمل بالجامعة والتحقت بالأمم المتحدة فانقطعت اخباري عن زملائي، وهم كذلك، حتى دخل علي زميل حاملاً الجريدة اليومية وعنوانها الرئيسي ” اعدام السوداني ” السفاح ” الذي قتل أكثر من ٢٠٠ طالبة بكلية الطب !تفاوت عدد الضحايا من صحيفة لأخرى، ولما شاهدت صورة محمد ادم ذهلت! لم اصدق! ولكن كان كل شئ قد حسم. الصحفية السودانية عايدة عبد الحميد، ناضلت من خلال صفحات مجلة سيدتي لإنقاذ حياة الرجل لقناعتها ببراءته، وقيل أن السلطات اليمنية طلبت منها مغادرة اليمن، ورحلت الى القاهرة والله اعلم.
فرجاً طوال الوقت، وعندما نطق صفعه عم القتيلة رقم (2) عراقية الجنسية فانسحب دون رجعة! وانتهى دور السفارة في قضية مواطن سوداني خارج الوطن! بالطبع تم استجواب كل من تعامل مع محمد ادم طوال فترة عمله بالكلية، وعندما ورد اسمي تبرع احد أعضاء السفارة برواية مفادها أنني غادرت اليمن نهائياً واستقر بي المقام بهولندا!! لا اعلم لماذا هولندا بالذات؟! ولا ادري لماذا نسجت السفارة هذه الرواية؟؟ المهم، تمت محاكمة محمد ادم وأدين وصلب واعدم في مدخل جامعة صنعاء أمام حشد غفير من الناس، بعد أن حاولوا قبلها تفجير قاعة المحكمة حينما كان يحاول أن يدفع ببراءته! قالوا انه قتلهن جميعاً، لكن بعضهن ظهر قبل وبعد إعدامه!! قالوا انه فقط كلف بالتخلص من الجثث بعد أن قتلت الضحايا على أيادي سفاحين حقيقيين! استغلوا سلاح المال والجاه في العبث بشرف بنات ضعيفات نفوس وذوات حاجة! قالوا انه دفعت له مبالغ طائلة ليغطي على جريمة لم يرتكبها!
للعلم ماكان يدفع له كراتب شهري كان يساوي ثروة بالنسبة له ولقبيلته، خاصة بعد أن شاهدنا حال أسرته عبر التلفاز، كلما أتذكر تلك الأحداث اشعر بحسرة كبيرة دواخلي، تؤكد لي أن محمد ادم كان ضحية لعبة قذرة. وبعد أن خرجت الصحف اليمنية لتؤكد أن العملية كلها أكذوبة وان السفاحين الحقيقين تحميهم السلطة ويحميهم الجاه، بعدها شكك اليمنيون في صحة الرواية الرسمية وعادوا لطبيعتهم السمحة في التعامل مع السودانيين المقيمين في اليمن، بعد أن أساء بعضهم لنا ونسي التاريخ المشرف للإنسان السوداني في اليمن، لكن والحمد لله كانت سحابة صيف.
في النهاية، ماذا أراد محمد ادم أن يقول؟ أو ما كان دوره في هذه اللعبة القذرة؟ لا يعلمه إلا الله ثم هو ومن تسترت عليهم السلطات اليمنية بسبب انتمائهم للحزب الحاكم آنذاك! لكن أقولها حتى آخر لحظة، ذلك الإنسان الخلوق الخجول، لا يمكن أن يقتل نملة، وما كان يعطى له مقابل عمله كان يكفي كل قبيلته بسخاء، وشهادتي لله ،، تحياتي ،
تعقيب الباحثة السودانية على ردود الفعل
في البداية أوجه الشكر والتقدير لكل الذين توقفوا لقراءة حكايتي مع سفاح اليمن وتدبروها، وقاموا بالتعليق عليها وهو ما دفعني للكتابة ثانيةً تعليقاً على بعض ما وردني في هذا الموضوع الحساس والشائك، والذي تناولته من قبل أقلام عدة بالتحليل وبوجهات نظر متباينة، طغى على أغلبها التضارب مما ساهم في ترسيخ قناعة لدى العديدين مُنافية للواقع ،،
في هذا الإطار، أتطلع وأرجو من الجميع قراءة الموضوع بتأني، تلافياً لأي تعليق في أمر أو رؤية أو تحليل لأي جزئية لم أتطرق لها سواء صراحةً أو ضمناً، فقد كانت هناك بعض التعليقات بالاضافة لما وردني على بريدي الإلكتروني من أسئلة كثيرة كان السائلون في غنى عنها لو قرأوا ما كتبت بروية وتأني، ومن ذلك (عتبهم) لشخصي بعدم الذهاب إلى المحكمة للشهادة، رغم توضيحي منذ البداية بتاريخ علمي بالقضية ، ومع هذا لا بأس من التذكير. فقد أشرت إلى أنني تركت العمل بكلية الطب/جامعة صنعاء والتحقت بالأمم المتحدة، وحينها كان المرحوم (بإذن الله) ما يزال عاملاً بالكلية، ثم انقطعت عني أخباره وأخبار الكلية بصفةٍ عامة، ونظراً لطبيعة عملي الجديد في مجال نزع الألغام لم أكن مواكبة للأحداث التي كانت تجري حتى دخل عليّ أحد الزملاء اليمنيين في مكتبي بصحيفة تحمل نبأ إعدامه!
ثانياً،، كل ما ذكر عن امتلاك المرحوم (بإذن الله) لثروة طائلة، وكميات هائلة من الملابس وربطات العنق، بالإضافة إلى شحنات الأثاث التي ارسلها للسودان هو محض افتراء ومجافٍ للحقيقة! فالرجل لم يكن يمتلك سوي القليل جداً من الملابس، كما تواصلتُ (بنفسي) مع بعض العائلات ذات العلاقة الوثيقة بزوجته التي كانت تقيم معه في صنعاء عقب علمي بإعدامه مباشرة من الصحف، وتأكدتُ من أكذوبة تلك الشحنات الخاصة بالأثاثات المزعومة!
ثالثاً،، البعض ذكر في تعليقاته بأن (محمد آدم) قد قتل طالبتان، وهو ليس برئ كما إدعيت في مقالتي! أقول بأن هذا افتراء باطل على الميت، فلا الشرطة ولا النيابة استطاعتا إثبات ذلك، بل على العكس تماماً، فقد اعتبر القاضي أن روايات المتهم (آنذاك) مخالفة للعقل! والتي قال في بعض منها أنه قتل وإغتصب واختطف ثلاث فتيات في أقل من ساعتين ومنهن (ندى) التي فاجأت الجميع بحضورها للمحكمة لتنفي قتلها! ومن رواياته أيضاً، أنه قام بقتل إحدى عشرة امرأة بين الكويت ونيجيريا والصومال، وعندما أرسلت وزارة الداخلية اليمنية مندوبا للسودان للتحري عن هذا الإدعاء، ثبت لديها أنه لم يغادر السودان إطلاقاً إلا إلى اليمن لأول مرة، وتسربت الأخبار إلى الإعلام وانتشر الخبر مما أثار شكوك اليمنيين وساعد على تغيير نظرتهم للمتهم وللقضية (برمتها)، ولم تنف وزارة الداخلية ذلك، !
ومن الجوانب الهامة جداً في هذا الخصوص، تأكيد وكيل النيابة على وجود ١٥ شخصية متورطة في تلك الجرائم، وطالب وقتها المحكمة بعدم السير في القضية إلا بعد استكمال التحقيقات مع بقية المتورطين وبالطبع لم يحدث ذلك ،، ولعلَّ الأهم هو إصدار الحكم سريعا واختطاف الفقيد محمد آدم (خطفاً) من قاعة المحكمة فور صدوره والحيلولة دون إدلائه بأي تصريح ولم يُشاهد بعدها إلا لحظة إعدامه والتي تمت بوحشية تامة لم يراعى فيها ابسط النواحي الانسانية كتغطية الوجه مثلاً،، وقبله ما (صوَّرته) الصحفية عايدة عبدالحميد من آثار التعذيب على جسده واظافره التي تم اقتلاعها هذا بخلاف محاولة تفجير المحكمة عندما شرع في تغيير شاهدته،،،
كما لم يُشَر أبداً إلى التقرير الطبي الذي أعده فريق من الأطباء الألمان الذين قدموا خصيصاً لتقديم رأيهم في هذا الموضوع، وقد ذكروا فيه ان الجثث التي تم العثور عليها هي (لرجال) و(نساء) في أعمار مختلفة، وأكدوا ان كمية الأحماض الذي يحتاج لها لإذابة ذلك العدد الكبير من الجثث يفوق الكميات المتوفرة في الكلية كلها ولا يمكن ان تكون في تصرف فني المشرحة!
وفي الوقت الذي يعترف فيه أهل اليمن بأن من قام بهذا الفعل الإجرامي مجموعة منهم تحميها السلطة وليس محمد آدم ،، لا أجد غير الدهشة والألم لـ(ردة) فعل أهل بلدي الذين يصرون على انتهاك حرمة الميت وإلصاق هذا الفعل الشنيع به دون علمٍ أو تأكد، من الملابسات المرتبطة به والتي لا يعلم حقيقتها بعد الله تعالى غير المرحوم (بإذن الله) والحزب الحاكم في اليمن آنذاك والفئة التي نفذته!
من الأشياء التي أدهشتني (وألمتني) في ذات الوقت، تفسير الـبعض لأدب المرحوم (بإذن الله) وطبعه الهادئ بأنها صفات المجرم الحقيقي لان تلك صفات المجرمون في أوروبا وأمريكا ، رغم أن وصفي له جاء بناءً على احتكاكي به ومعرفتي له بحكم العمل !! وهنا لا أجد غير التساؤل لأولئك: هل لو ذكرت أنه كان رجلاً مراوغاً ومستهتراً لا يلتزم بعمله، وكان يقهقه بصوت عالٍ لدرأتم عنه الشبهة؟! عجبي ،
من حق القارئ (بالطبع) التساؤل لماذا إذاً روى المرحوم (بإذن الله) تلك الروايات عن نفسه؟! أقولها وسأظل أكررها مرة تلو الأخرى (أنَّ اليمن بلد تغلب فيه السلطة على القانون، فذلك البلد الذي مازلت أحبه وأحب أهله الطيبون لا يحكمه قانون، والذين عاشوا فيه يعرفون ذلك تماماً ،، كم أكره أن أقول هذا ولكنها الحقيقة التي عايشتها كغيري حتى أبناء اليمن أنفسهم يقرون بها تماماً) ،، ولقد بدا واضحاً أن المرحوم (تعرَّض) لأبشع وأشنع صنوف التعذيب حتى اعترف على نفسه بما لم يأته! ومن ذلك ان دلهم على المجاري التابعة المشرحة والتي وجدت فيها باقي الجثث الذي أُمر بالتخلص منها ،،،
ولعلَّ أهم مافي الموضوع، أنني (عقب نشر المقالة الأولى) اتصلت بزميلي اليمني وطلبت منه الإطلاع عليها وكم صُدم لمحاولة بعض القراء تثبيت التهمة على المرحوم (بإذن الله)، وقام (بناءً على طلبي) بارسال المقال إلى عدد من مواقع التواصل الاجتماعي في اليمن أملاً في إيقاظ ضمائر بعض أو أحد الذين تورطوا في هذا الأمر أو العارفين بتفاصيله آنذاك ليظهر حق الفقيد حتى وهو ميت ويُنصفه هو وأهله وكل السودانيون!
أخيراً،، سألني أحد القراء” ونحن نستفيد شنو من القصه دي”؟! أقول له بأن هذا الحدث ظل عالقاً بذهني طوال هذه السنوات، يؤرقني وظللت أسعى لنشره على الملأ حتى اُسمع صوت الحق الذي لا يحده زمان، وإن كان المغفور له (بإذن الله) الآن بين يدي ربه لكن أسرته مازالت بيننا، تحتاج منا لموقف شجاع، وكلمة طيبة، تجبر خاطرها المكسور فكفاها ما أصابها وكفانا قسوة وخذلاناً لها،،