الشاعر دغيم الظلماوي

الشاعر دغيم الظلماوي

الشاعر دغيم الظلماوي

دغيّم بن عيد بن بشير الشلاقي من الزميل من سنجاره من قبيلة شمر ويشتهر بدغيّم الظلماوي هو شاعر مشهور في الثقافة الشعبية في الجزيرة العربية عاش في منطقة حائل في فترة حكم آل رشيد وشهرته من نوع خاص جدا فما ان تذكر القهوة الا ويذكر معها الظلماوي الذي اشتهر بها فصار مضربا للمثل ومن مشاهير كرام اهل البادية الذين يعتنون بالقهوة ويقرؤن بها الضيف على اعتبار انها زينة مجالس العرب التي يجب ان يعتنى بها0

ولد دغيم الظلماوي في حائل سنة 1256 هـ، وعاش الشاعر دغيم الظلماوي في عهد حكم آل رشيد في عهد الأمير محمد بن عبد الله بن علي الرشيد وعبدالعزيز المتعب الرشيد
كان كريماً مكرماً للضيوف الذين يأتونه وقد ذاع صيته بسبب قصيدة القهوة المشهورة «يا كليب» والتي اشرنا لها في بداية التعريف فيه والتي يقول فيها :

ياكليب شب النار ياكليب شبه
عليك شبه والحطب لك يجابي

وأنا علي يا كليب هيله وحبه
وعليك تقليط الدلال العذابي

الوالمه يا كليب عجل بصبه
والرزق عند اللي ينشي السحابي

وإدغث لها يا كليب من جزل خبه
وشبه ليا منه هبا كل هابي

أبي ليا شبيتها ثم قبه
تجلب سراة من بعيد غيابي

بنسرية يا كليب صلف مهبه
ليا هب نسناسه تقل سم دابي

متكتفين وناطحين مهبه
متلطمين وسوقهم بالعقابي

صبه لقرم صرفته ما حسب به
يوم البخيل مكنهب الوجه هابي

وصبه لمنعور ومن جاه نبه
يرخص بعمره والدخن له ضبابي

وعده عن اللي مايداري المسبه
اللي يدور بالقصير الغيابي

ليا باطن الهلباج خطو الجلبه
يازين تالي الليل خبط الركابي

افرح لهم وابدي سلام المحبة
ليا شح بالهين كبير العلابي

سلام احلى من شخاليل جبه
واحلى من السمن الجديد العرابي

وخطو الولد يوم الملاقا نكبه
يصير معنا من حساب الزهابي

وش عاد لو يلبس زبون وجبه
معيرة على غضير الشبابي

أنا لقيت الصبر يازين غبه
يرقيك روس مشمرخات الهضابي

ومن لا صبر يا كليب في حكم ربه
هذاك يوم البعث ماله ثوابي

يقولها اللي ما حسب للمسبه
ولا عرقل الأجواد ببعض الهلابي

هذا هوى بالي وهذا مطبه
من قبل مايسفى علينا الترابي

وقد نشرت هذه القصيدة للشاعر دغيم الضحاوي في ص 96 من الأزهار النادية من أشعار البادية الذي جمعه محمد سعيد كمال ونشرته مكتبة المعارف بالطائف كما نشر القصيدة مطلق محمد البادي البراق العتيبي في ديوانه الأنوار الهادية من أشعار البادية الطبعة الرابعة ص 98·

ونشر القصيدة مصحوبة بشرح وترجمة إنجليزية الواس موزيل في ص 467 من كتابه عن الرولة ونشرت ترجمة إنجليزية للقصيدة في ص 35 من كتاب حرب الصحراء الذي ألفه جلوب باشا ونشرت ترجمة إنجليزية أخرى للقصيدة نشرها كلنتون بيلي في مقالة له التي ظهرت في ص 70 من المجلد الثالث من مجلة دراسات مركز البحوث الفولكلورية في إسرائيل·

وهذا يعكس مدى رواج القصيدة وانتشارها الواسع والقصيدة جزلة وجيدة السبك يفتخر فيها دغيّم بأنه شخص يكرم الضيوف ويرحب بهم وكان عنده خادم اسمه كليب مهمته الوحيدة هي إعداد القهوة وتقديمها للضيوف·

هذه القصيدة أثارت حفيظة الأمير محمد العبدالله الرشيد لأن دغيم الضلماوي لم يذكر في قصيدته تلك ولو إشارة ابن رشيد وعتب عليه خاصة وأنه يستحق ذلك فأوحى إلى بعض شعرائه أن يردوا عليه فرد عليه شاعر وقال هذه القصيدة :

يا علي شب النار يا علي شبه
لا مال ظل مشمرخات الهضابي

باغٍ إليا شبيتها واضلهبه
قلط ثلاثٍ لونهن كالغرابي

حنكيةٍ ما ينفعه لو تربّه
بلفودها تلقى سنا النار صابي

ياللي تقول النار كلٍ يشبه
الفرق بالمنبا ولين الجنابي

ليا نسنس الشامي وحم المهبه
وجنك يشادن هافيات الذيابي

وفرحوا بشوفٍ للذرى يوم هبه
بردٍ وخرجٍ يرش الثيابي

غزة بجوف النار من حيث شبه
وعجل إليا جو مضرمينن اتعابي

أوصيك لامن المشاكيل ضبه
يبرالها من مير غيد الجوابي

من دونهم ما حط مزلاجٍ وضبه
ولا حط من دونه عقادٍ وبابي

زادك وميسورك ولين المحبه
اخير من كبشٍٍ سمينٍ يجابي

ان سمح الباري وسانع مهبه
نقضب مكان الشب بين الغيابي

باغٍٍ الى من السنين اشلهبه
وجونا فزيع محتتين الزهابي

اظهرت للعطشان فرغ المصبّه
لزمالته بارض الخلا لا تهابي

صينية المرحوم يا علي ربه
وصوا بها الصانع بزين الربابي

يا ساترٍ تستر على من حسبه
يا رازقٍ بالرزق عمي الدوابي

دنياك ما عمّر بها تود ربه
الواحد اللي واعدك بالحسابي

النار دربه هين والمسبه
والطيب وعر والمراجل صابي

وش عاد لولك غرسٍ تقل غبه
ودبسه يفجر مع عروض الجوابي

يلد لعمرك والمواشي يكبه
لو لك حلال كثر طش السحابي

ما تنهج إلا في ذراعين خبّه
وخمسك وما مدت يمينك يجابي

يوم إن دلوك ما تقدا مصبه
عن الحوض عالت زلمت بالترابي

طيبي وطيبك بين رجليك ذبه
لاجت بهم فالله لك والحبابي

الضيغمي كل المراجل بعبه
وحنا نلقط ما وقع بالترابي

وادعوا بعز محمد عند ربه
حيث ميره من بعيد يجابي

شيخ نهار الملزمه ما يكبه
يوم عج الخيل مثل الهضابي

كم راس شيخ من علابيه جبه
بصنع الهنود اللي تقص العلابي

وهذه القصيدة نسبت للشاعر علي القبالي التميمي راعي قصر العشروات ونشرت في ص 99 من ديوان ابن بادي وفي ص 97 من الجزء الثالث من الأزهار النادية وص149 الطبعة الخامسة وأوردها منديل الفهيد في كتابه من آدابنا الشعبية الجزء الثالث طبعة 1417هـ ص147ونقل منه حرفياً حمود النافع صاحب كتاب شعراء من الزلفي بينما ينسبها البعض للشاعر عجيل الجبالي التميمي كذلك نسبها البعض للشاعر ضيغم الشويني العنزي وكان يسكن في ديار آل القبالي

وهناك شعراء آخرون اعجبوا بها فجاروها بقصائد لا تقل عنها قوة ومعنى ووزناً وقافية ولنأخذ بعضا من هذه القصائد المشهورة:

رد التبيناوي بقصيدة مطلعها:

يا حسين شب النار يا حسين شبه
بقصعية مابه دبيب ودابي

وقال لبيد المتينه البلازي الشعلاني العنزي من شيوخ الرولة وهو من ضمن الذين جارى الظلماوي وذكر في القصيدة حبه للظلماوي

يا دعيث شب النار يا دعيث شبه
بين القطوب وكاسر البيت نابي

واجدع بها من صامل الرمث ضبه
لا ما تجس لباسهم والثيابي

وقلط ثلاث معتنين بصبه
ومبرقعات عن دبيب ودابي

فنجالهن يوم القهوجي لعب به
يشدي خضاب مفلجات العذابي

يحوفها قرم قليل المسبه
بعيد عن هرج الخطا والسبابي

واتعب لحمستها وبالنجر كبه
وسوه وعجلها لربع تعابي

نجر الى صوت بصوت ينبه
قنيب ذيب في علو الشعابي

والى اشلهبت نارها ثم قبه
تجلب علينا مبعدين غيابي

بنسرية يا دعيث صلف مهبه
متلثمين وسوقهم بالعقابي

سردا براده ناطحين مهبه
بس الأشده خاليات الزهابي

لا بركن حطوا على النار صبه
وأومر لهم باللي سريع يجابي

نرهي عليه وميرنا ما ننبه
وتكميلة الباقي حلاوي جوابي

هو يدري ان العبد من مد ربه
ولا مد إلا مد مني السحابي

أما ادغيم تايه من يسبه
راع الدلال المكرمات التعابي

ولو هو من العدوان قلبي يحبه
من اللابة اللي ما ذكر به عيابي

يذكر لنا عند الضياغم مربه
وساع الطعون ومرويين الحرابي

وقال سعد بن مسعد الأيداء:

يا عيد شب النار يا عيد شبه
وقلط دلال مكرمات عذابي

ودق البهار وثم للربع صبه
يصبغ على الفنجال مثل الخضابي

ودرها على المجلس بنفس محبه
فنجالها يجلي عن القلب عابي

أقصر بماها ثم زود بحبه
حتى تزين بلونها والشرابي

كم راس كبش للنشامى نذبه
ان جن بهم عقب المسافة تعابي

يديان شيختنا بالادوار عبه
أهل بيوت مثل لون الهضابي

ذباحة للحيل وسمن نصبه
ماهم هل العقرة خشوم الكلابي

ادخل على الله باني البيت قبه
بعاث باب الرزق فتاح بابي

نصبر على نقل الخسارات دبه
من أول الى اتلانا شباب وشابي

انهب من الدنيا قبل ما نكبه
من قبل ما يرجد علينا الترابي

ويقال أن ابن رشيد بعث مناديباً إلى الظلماوي وطلب منهم أن ينزلوا به في منتصف الليل ليختبر مدى كرمه فإن كان كرمه على ما ذكر في قصيدته فلا بد أن تكون ناره مشتعلة في ذلك الوقت والقهوة جاهزة·

وفعلاً وجد المناديب أن كليب خادم الظلماوي كان على أهبة الاستعداد حينما حلوا ضيوفاً عليه بعد منتصف الليل·

وحينما علم دغيّم الظلماوي أن ابن رشيد كان مستاء من قصيدته في كليب ذهب للسلام عليه في حايل وألقى بين يديه هذه القصيدة يعتذر فيها عن القصيدة السابقة

مِدّه رَهَن لولاك ما قِلْت ياكليب
ولا قلت شِبّ النار صِرْ موقدٍ لَه

في ليلة تجدع له سواة المشاهيب
نسرية تلصق خليل لخله

نطعن بعزك ياحصان الاطاليب
وعسى اللي جمع حزمتك ما يفله

يالمسك يالناريز ياعنصر الطيب
ياعنبرٍ من داومِه ما يِمِلِّه

يابو اليتامى والعرج والمحاديب
وابوٍ لمن صار العصا ثالثٍ له

ليا جا يْتَعَكّز فوق عدل المذاريب
من صَكِّتِه دنياه صرت والدٍ له

تملى محاليبٍ وتكفى محاليب
وكبدٍ تْيَبِّسْها وكبدٍ تِبِلّه

من كل صوبٍ ينحرونك مراكيب
ما هو غلا يالضيغمي مير ذَلِّه

يا مير طيبك ما لقي له حواسيب
ظلما وغدر وتايه ٍ مستدله

المرجله بيرٍ طويل المِجاذيب
تِسْعين بوعٍ طولَها كان قَلّه

حِزْتَه وْنِشْتَه يانْحاز الاجانيب
حِشْت المراجل كل دِقّه وْجِلّه

حشته بعدواتٍ بروس المراقيب
لا غبت يا حمض الكبود المغله

بَرِّق بنفسك ياقليل العذاريب
لو تِسْتِحي ما تَجْمَع الطيب كِلّه

وأثناء إلقاء القصيدة دخل إلى المجلس عبد العزيز المتعب الرشيد فألحق دغيّم هذين البيتين في القصيدة:

وعبد العزيز ان راس حصن الاطاليب
ان تَلّت المسمار بالقاز تَلّه

ما كِنّه الا من زْمول المزيريب
ان جا نهارٍ غاشٍ الزمل ظِلّه

إن كان هرجي به عليكم عذاريب
سامح عسى من عقبك بألف حله

بعد فراع الظلماوي من قصيدته الارتجالية تهلل وجه ابن رشيد وقال يا دغيم قال نعم قال والله العظيم ما تشتري القهوة والهيل غير ما شريتها ما دمت انا على قيد الحياة كل سنة تأتي وتأخذ ما يكفيك من عندنا ويقال ان دغيم الظلماوي اخذ يأتي في كل صيف ويبني بيته في شعيب ابو جرف جنوب قصر اعيرف الموجود الان جنوب شرق حائل

وفي إحدى المرات وفد دغيّم الظلماوي على محمد العبدالله الرشيد في أيام العيد فوزع خدم الأمير كسوة العيد على الوفود عدا دغيم فإنه لم يحصل على كسوة
وكان من الشيمة وعزة النفس بحيث لم يطالب بالكسوة
ولما ذهب للسلام على ابن رشيد في يوم العيد لاحظ ابن رشيد أن جميع من حضر للسلام كان مكتسياً بكساء جديد عدا دغيّم الظلماوي فسأله عن السبب
فأجاب دغيم بهذه القصيدة:

الله من الماهود قِسّم ضحى العيد
كَمْخات شامٍ تقل نوّار وادي

من كيس معطي ليّنات المِقاويد
أدنى عطايا طير شلوى جواد

قِسّم وانا عنهم تِقِل من ورا الحيد
تِقَنْطَرَتْ بي يوم نادى المنادي

ياطير شلوى مِقْتِفِينا حواصيد
لا خير في عمرٍ وراه الحصادي

ان عاش راسك كل يومٍ لنا عيد
الله خلق كَفِّك لمالك نِفادي

يامْعَزّل الصابور ياعين عِرْبيد
ياكوكبٍ وان كَبِّه الوِرْد زاد

ما لك حَلِيٍّ كود عنتر وابا زيد
وابن الوليد وحاتمٍ والمهادي

مرثيته في زوجته

رثى الشاعر دغيم الظلماوي زوجته بقصيدة تحمل الحزن والأسى على فراقها يقول فيها:

ياما عذلت القلب لاشك ما طاع
ولا هو على بعض المعاني سنوعي

عاب..وعما..ماله من البين مطلاع
متحيرٍ مالي شبيهٍ بنوعي

يا ونتي مالي من الناس فزاع
ولا فاد لو كل القبايل بطوعي

واكتلت من ليعات الايام بالصاع
ولاهي على راسي كثيرٍ اربوعي

منهم حمود اللي للرقاب قطاع
مصاوبه لوهي بغيره تروعي

ياما غدا له من شجاعٍ وشعشاع
ابطالٍ اطرفهم يقد الجموعي

لا شك هو يتلف طويلات الابواع
باسه يبيد به رصيف الدروعي

غصبٍ على الغالين يظهرن الادماع
وانا اصطبر لله محيره اضلوعي

في دبرة اللي سامك العرش سماع
ولاني من اللي يفعل الله جزوعي

يا عالمٍ بالغيب يا مبر الاوجاع
يا مالك الدنيا البصير السموعي

ترحم لمن قلبه غدا حصو مقلاع
والا فحم كيرٍ ولاه القطوعي

على حبيبٍ حال من دونه القاع
عذبٍ خديني عايزٍ بالطبوعي

تفهم إلى غطيت يمه بالاصباع
والناس ما تدري على أي نوعي

ولا طلبته حاجةٍ جت بالاسراع
اسرع من العبره بنثر الدموعي

ما هي من اللي دورة في الاطماع
ولاهي من اللي يدهلونه بتوعي

ولا هي من اللي يرجم الوجه مرقاع
لا غبت كني حاضرٍ بالسنوعي

ولاهي من اللي لا مشت تقل سعساع
تهرف هريف الذيب بين النجوعي

وان جو مناكيفٍ من البر جواع
تسرع قراهم وان لفوا عقب جوعي

يا مصخر الحوته ليونس بالاطلاع
يا خالق الاثمار من كل نوعي

تجعل لها في جنة الخلد مجضاع
ارجيك ياللي منك نرجي النفوعي

وعلى الصراط ان ريضت شبر وذراع
لمحت بصر او مثل برقٍ لموعي

ولو يعرضن عذبات الانياب فراع
ما اريدهن عقبه ولو طار شوعي

وصلوا على من هو للإسلام شفاع
المصطفى سيد قريش الشفوعي

وفاته

توجه إلى الحجاز في عام 1324هـ وفيها مرض ومات بمدينة الطائف عام 1324 هـ.

رحم الله دغيم الظلماوي وجميع اموات المسلمين وامد الله في اعمار احفاد دغيم الظلماوي اصحاب الشهرة والسمعة الطيبة.

تحرير مع إقتباس من بعض المصادر الصحفية

الباحث والإعلامي
ناصر بن حمد الفهيد
القصيم – بريدة
تويتر

المصادر

مقال دغيم الظلماوي – مقال للأديب والمؤرخ الدكتور سعد العبدالله الصويان نُشر في صحيفة “الرياض” السعودية 25/2/1983
مقال وفاء الزوج وصفات الزوجة المحببة – نُشر في صحيفة “الرياض” السعودية 2/2/2013
رجال في الذاكرة، عبدالله زايد الطويان، ج4، ط1، 1421هـ، ص63.

error: Content is protected !!