ولد الشاعر الكبير دخيل الله بن محمد بن دخيل الله الشكري الدوسري رحمه الله في وادي برك وهي بلد تقع في محافظة حوطة بني تميم والتابعة لمنطقة الرياض في عام 1355 للهجرة وتوفي رحمه الله في محافظة الخرج بتاريخ 8-2-1420هـ
سيرة شاعر من شعراء قبيلة الدواسر المعروفين .. شاعر اشتهر رحمه الله بغزاره انتاجه الشعري وبجزالة ورصانة قصائده وعرُف بحميّته القويّه لقبيلته ونعارته وحبه للدواسر ، وطرق جُل أبواب الشعر المعروفة ولعل اكثرها قصائده في الفخر في مدح قبيلته ((الدواسر)) ووصفه لأحداث قبيلته مشاركا ً لهم في السراء والضراء وخلّد الكثير من مواقف قبيلته الطيّبه في الماضي والحاضر بقصائده العذبه فحفظها من الضياع وقدم كنزاً لا يقدر بثمن للأجيال من بعده
نسب ونشأة الشاعر دخيل الله الشكره الدوسري
هو دخيل الله بن محمد بن محمد بن دخيل الله ال موسى من ال ابوعلي من فخذ الشكره من قبيلة الدواسر وولد الشاعر رحمه الله في وادي برك وكان ذلك قبل 91 عام تقريبا من تاريخ هذا العام 1446 فقد كان من مواليد عام 1355هجري وهو اكبر ابناء محمد بن محمد بن دخيل الله ال موسى من ال ابوعلي الشكره وله ثلاثه اخوه فقط وهم بالترتيب بعده سعد وصالح ومرضي
وقد تحمل المسؤلية رحمه الله منذ صغره نظرا لوفاة والده وهو بعمر العاشره تقريبا وربما اقل من ذلك فكان مسئولا عن والدته واخوانه خلال تلك الفتره وعاش في برك وقضى فترة صغره حتى بلوغه 20 تقريبا وانتقل بعدها بحثا عن كرامة الرزق مع امثاله من الرجال الى الرياض وعاش فيه فتره غير معروفه مدتها وبعدها انتقل الى الاحساء وقضى بها 4 سنوات تقريبا وانتقل بعدها الى الكويت والتحق بالحرس الوطني وسكن بمدينة الجهراء وقضى هناك تقريبا 15 عاما وكانت تعتبر تحولا كبيرا في حياته حيث استمر فيها فتره طويله وكان معه من في تلك الفتره من زملاء عمل ومنهم شخص يدعى عبيد وقد ذكره رحمه الله في اكثرمن قصيده ويتوقع انه اقرب المقربين له من اصدقائه هناك وربما اولهم في هذه الدوله وقد اسند له الكثير من القصائد الجميلة خلال تواجده في دولة الكويت
وحيث ان حنينه الى وطنه ومرباه (وادي برك) كان كثيرا ً مايحرك شاعريته فلقد كان شاعرنا يجمع بين امرين الحمية الاصيلة للقبيلة والتوجد والاشتياق لموطنه وعشيرته فتراه تارة ينافح ويدافع ويذكر مآثر ومكارم القبيلة فالإنسان مهما أشغلته دنياه لابد أن يشتاق لوطنه ومرابع صباه ويقول في ذلك
لـيت الـتمـاني للـفـتى تـدرك امـنـاه وان قـولـة يا ليت تـقـضي اللـزومي
عاد الشاعر رحمه الله الى ديرته ( وادي برك ) بعد هذا الغياب الطويل عنها ومنذ عودته من دولة الكويت تقريبا قبل 45 عاما كان تركيزه في الاستفاده من الأراضي التي يمتلكها مع اخوانه في وادي برك حيث قاموا بزراعتها واستثمارها ايام ازدهار الزراعه في ذلك الوقت وطفرتها التي مرت بالكثير في ربوع المملكه فكان يقضي وقته بين متابعة مشاريعه الزراعيه وبين هوايته المحببه على قلبه وهي(المقناص) في وقت فراغه فمن يعرف وادي برك يعرف ان الصيد فيها كثير في تلك السنين فقد كان مولع بهذه المقناص مع بعض معارفه ومع من يهوى الصيد من جماعته رحمه الله واستمر بهم الحال جميعا بين الزراعه وبين المقناص خلال تلك الفتره
يا ديرة مابين برك وعالان شوفه هوى قلبي وغاية امنايه
هي غايتي ومناي من بد الاوطان ومن غيرها مالي بدارهوايه
في ما مضى وانا لها كان سكان واليوم منها كن علينا جنايه
لاجيتها قالوا لي الناس غلطان ويردني منها فريق الحمايه
وختامها ذكر الولي عالي الشان والله يوفقنا طريق الهدايه
ويردني منها فريق الحمايه ( يقصد بها الشاعر رحمه الله حماية الصيد )
لقد توج قصائده الرائعة لقبيلته بصفات كريمة صفات الرجال والعادات والسلوم الاصيلة من مكارم الاخلاق والعز والشموخ يبصرها الرائي والقارىء كالجوهر المنظوم والعقد الفريد فكانت كالحلل يتمنى كل من ابصرها ان تكون نصيبه و اهداها في غربته لقبيلة الدواسر ولكل دوسري فقدمها متجاوزا بذلك انانية النفس وحب الذات فشاعرنا كريم الاصل عالي الهمة وليس من الذين نظرتهم محدودة لايتجاوز شخصه وهذا لاشك من كريم الاخلاق ومن الثقة بالنفس
وصى بها فتخان الأيمان غلــمه ارواحهــا يـوم الملاقـا تسومــها
قومٍ تبيع ارواحها دون دارهــا حيثٍ دون الـدار مـحدٍ يلـومها
قبيلةٍ ماهيب تجلب جزورهــــا ولا ذكـر بيــع اللحم في سلـومهـا
ويامن بها اللي خايفٍ لا جالها عقـب السهــر عيـنه تهنى بنومـها
ولادش في قلبه من الخوف رامع في راس عيطا من صوالي سمومها
ديرة مصانيم الدروع ال زايد اللي مشــت بين الـبرايا عـلومها
يشهد لها التاريخ بالمجد والفخر والشاهد الثاني مضارب سهومها
عاداتهم رد الطماميع دونها وللطير والسرحان ترمي لحومها
كم قايدٍ جاء في جموع يقودها ثم عـــودةٍ مــنا وساع ثلومها
وختامها بازكى صلاة على النبي اعداد ما هل المطر من غيومها
ويلاحظ اكثاره وهو الذي يغلب عليه الحميه للقبيلة وذكر تاريخها .. انه شعور الشاعر الابي الاصيل في بلاد الغربة وهو يكافح الحياة والصعاب من اجل العيش الكريم نحو بني قومه مفاخرا بهم منافحا عنهم امام القبائل الاخرى من نجد في تلك الفترة من الزمن كان البعض من اهل نجد يقصدون الكويت وكان الجيش الكويتي يستقبل ويسجل القادمين من بلاد نجد وكانوا يلتقون من قبائل شتى ولعب الشعر دوره في تلك الفترة الزمنية وبالتحديد في الجيش الكويتي وكان الشعر في قمة توهجه ولعل الذي اذكى مشاعر الشعار وصقلها هو الاغتراب عن الوطن واهل نجد احرار والحر يشتاق الى موطنه الاول والتقاء الشعار ببعضهم من قبائل مختلفة عامل رئيسي ايضا اوقد الشعر وصقل موهبة الشعراء حتى برزوا لنا شعراء اجادوا الجزل وابدعوا منهم شاعرنا الكبير دخيل الله بن محمد الشكرة والشاعر الكبير خلف بن هذال العتيبي والشاعر الكبير شلعان بن ظافر الدوسري والشاعر الكبير رشيد الزلامي العتيبي وغيرهم الكثير من الأسماء الكبيره والقديره وهذا على سبيل المثل وليس الحصر وكل هؤلاء الكبار كانوا في الجيش الكويتي في هذة الاجواء الاصيلة من العادات والتقاليد كان لابد من ذكر مفاخر القبيلة ومنافسة الاقران من القبائل الاخرى وكان قول الحق من سمة الرجال فلا يقولون الا الحق والصدق واذا قالوا صدقهم الرجال وكانت السوالف اذا عرضت لابد من ختمها بقصيدة يذكر بها مئاثر ومفاخر قبيلته والجميع يستمعون بإنصات على طريقة كل تورده يمناه وهات ماعندك هنا كان لابد من شاعر فحل بطل يحفظ تاريخ القبيلة وينشد الاشعار بكل فخر امام جمع القبائل كان شاعرنا هو الرجل المناسب وقصائدة تشهد بذلك:
والى عوى ذيب جذب الاخر عواه وان صاد صيد مايصيد الا السمين
ولي ديرةٍ من كان مظلوم نصاه ملفا لمن يشكون ظلم الظالمين
يامن بها الخايف ولو كثرت اعداه يامن بديرة ممنين الخايفين
فيها الخوي يامن وتوسم له عصاه يامن ولا يحسب حساب المعتدين
عمِي الشريف إلين داويــنا عمـــاه إلين شاف الدرب مثل المبـصــرين
ومن عـمـي قـــلــبه عندنا يوجـد دواه ونــزيـــد عــلـته القــديمــه علـــتين
يالله ياللي كل مخلوق دعاه اقبل سؤالي يامجيب المدعين
ياالواحد اللي كل خلقه في رجاه يامنزل القران بالحق المبين
ان تنصر اللي للوطن صانوا احماه والنصر منك يا إله العالمين
وصــلاة ربــي عــد مايمـطر سماه على شفيع الخـلق سـيد الــمرسلــين
ولا تخلو قصايده من الحكم والنصح فهو تنوع في اغراض الشعر رحمه الله
ورجل بـلا لابةٍ يهـزم وينهانـي لوكان في القـوم ساطيـةٍ مظاريبـه
ورجل بربعه على العدوان له شانـي وتخضع له ارقاب روس الناس وتهيبه
والحياة تجارب من العبر والدروس والمواقف والأحداث والتجارب التي نستقي منها الحكمة ونتعلم منها ما ينفعنا، وهنا يهدينا شاعرنا دخيل الله رحمه الله هذه النصيحة:
ماكل من تنخاه يامنيف ينفعك ولا كل رجال يسد اللزومي
لاصرت محتار وتخالف روابعك انص الذي يجلون منك الهمومي
ازهـم عـيال قروم حتى تسنعك ولايـقضي العازات كود القرومي
اعيال حراً في هداده يشجعك ولا يصـيد الا كبـاراللـحومـي
وترى الرجال اوصوفها مثل اصابعك والفرق بينه ما يبي له علومي
على صاحب يذكر بدار وانا في دار ترى من تشقى بالمحبين ما أرتاحي
على وارد الستين زود عليه النار الى لحق حده بردوا له برياحي
الى ضواه الليل ساقه على الانوار وهو منوة اللي صاحبه منه منزاحي
هذه ابيات من قصيده قالها وهي قديمه جدا وطويله حسب راويها:
عزي ال صافي اللون من رعية الغنم عساها العزاري عد ماهي تعزري به
الا ياحلال القوم شوفك يجيب الهم وعسى من يحبك علة الكبد تازيبه
ومر به رحمه الله بعض المواقف في حياته نذكر منها على سبيل المثال هذه القصه وقصيدتها كامله حسب مارواها شاعرها رحمه الله
مناسبة هذه القصيده كان رحمه الله في طريقه عائد الى الكويت بعد زيارته لاهله في ( وادي برك ) وكان ذلك قبل 58 عام تقريبا ولا يوجد طرق مسفلته ولا مراكز للصيانه في الا في المدن الرئيسيه وتعطلت به سيارته في طريق الرجعه في الشمال قبل وصوله لدولة الكويت ومر به بعض الشباب في ذلك الوقت في المكان الذي تعطلت به السياره ونخاهم يساعدونه ويسحبون سيارته حتى بلوغ المدينه ولاكن للاسف ماثمنوا نخوته لهم حتى قيض الله له ان يلتقي بـــرجل من قبيلة زعب ويدعى ( ربيــع الزعبي ) ونخاه وانتخى له قال وشفيك ياولد قال شوفك بعينك السياره متعطله وادور على اللي مثلك وشرواك قال وين انت تبي قال ابي الكويت قال الامنت بتبي بغداد قال لاوالله ابي الكويت ولا وصلنا الكويت فالله لايهينك قال لايهم والله باذن الله مايجي دور هالليله الا وانت فيه ان مشى مشينا وانا مامشى شليناه وفعلا سحب السياره وصلحه وبعد ماصلحه وجيت بسلم حق التصليح حلف ودفع حق التصليح وهذا يدل على طيب ساس هذا الرجل وكرمه الامحدود وقام بالواجب وزاد عليه ومعدن الرجل الطيب مايبين الا بالمواقف وعزالله انه من قبيله ذكرها يرفع الراس ويشهد على ذلك وقفتهم دون قصيرهم في وجه خصمهم اللي كلا يعرفها وفخرا لهم يستاهلونه لين تقوم الساعه وهذا جزء قليل من امجادهم تجسد في هذا الوقفه وقال فيه رحمه الله هذه القصيده
هل فــرســة من دور عـــادا وشــــداد ويشهد لهم تاريخهم والرجــالي
والطيب ماهو مشفــقا عــند الاجـــواد لاكن ذكرته يوم جــاله مجــالي
وصــلاة ربـي عـــد ذعــذاع الانــواد واعــداد ماهبت هبوب الشمالي
وفاته
انتقل من وادي برك رحمه الله عام 1408 تقريبا الى الخرج حيث كان وقتها قد ارتبط بعمل بشركه الجيساي احدى الشركات التابعه لشركة ارامكو وعاش واستقر في الخرج الى ان توفي رحمه الله فيها بتاريخ 08/02/1420هـ.
وقد قال هذه القصيده في عندما كان في مقرعمله بالربع الخالي:
خسران من ضن ان حياته دوامي ولاطاع ربه ساعة النوروضياه
تبدا ضلام وتنتهي في ضلامي وتبدا حياة البرزخ اللي عرفناه
في ساس تكوينك بدا اول ضلامي ثم بعد موتك ضلمت القبرعزاه
مابينها فرصه بذكر وقيامي للخالق اللي كون الكون وانشاه
وفي طاعة الله نور يجلى الضلامي ومن صدعن ذكره ابتزداد ضلماه
وصلاة ربي عد وبل الغيامي واعداد مانور القمر شع بضياه
واعداد مانور(ن) قفاه الضلامي واعدادما يسجد من الخلق لرضاه
اعدادها مني صلاة وسلامي على النبي في بادي القول وتلاه
هذه نبذة موجزة عن قصائد شاعرنا وما تحمله من حكمة وخبرة ننهلها من تجاربه التي مر بها والرجولة في تعامله مع الغير.. قصائد جزلة تحمل وحدة عضوية وموضوعية في أسلوب سهل ممتنع لاتعقيد في العبارة ولا غموض في المعنى. فأتت تجربته الشعرية صادقة ناطقة تحمل رؤيته للواقع بعقل وبصيرة وحنكة وحكمة رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.